حكايات سديم تعود من جديد

حكايات (سديم) تعود من جديد
مرحباً!
سديم فتاة تحب الخير كما تحب الخيال وإليكم قصتها.
سديم طالبة متميزة وشغوفة بقصص الخيال. وعمرها عشر سنوات، تتعرض لاختبار صعب مع نفسها وزميلاتها في الصف وصديقاتها. اختبار قد تتعرض له أي واحدة منكن.
حسنًا، لنبدأ الحكاية...
في بداية العام الدراسي، وبينما (سديم) وجميع الطالبات جالسات في الفصل، دخلت عليهن المعلمة (فاطمة) ومعها طالبة لا يعرفنها من قبل، لكنهن عرفن جمالها من أول نظرة وأخذن يتأمّلن تسريحة شعرها المصفوف كالأميرات، ولم ينتبهن إلا على صوت المعلمة وهي تقول: "هذه (مرام)... زميلتكن الجديدة في الفصل". وطلبت المعلمة من (مرام) الجلوس بجانب (سديم).
وبعد انتهاء الحصة دار بين الاثنتين الحوار التالي:
- سعيدة بجلوسك بجانبي يا مرام! أنا (سديم). زميلاتي يلقبنني "حكواتية الصف"؛ لأني أنسج حكايات من خيالي تعجبهن. هل تودّين أن أحكي لك واحدة منها في الفسحة؟
- لا، شكرًا! هكذا أجابت (مرام) بنبرة حادة.
- قالت (سديم) وقد بدا الضيق على وجهها كما تشائين..
جمعت (مرام) في أيام قليلة عددًا من الصديقات حولها، فقد أظهرت لهن ودًّا وتهذيبًا إلى جانب جمالها وأناقتها. لكن جانبًا آخرًا من شخصيتها كان خافيًا. فذات يوم وبينما هي تتجول في فناء المدرسة سمعت صوت (سديم) يناديها: تعالي وانضمي لصديقاتي كي تسمعي هذه الحكاية. فتصرفت (مرام) بلؤم فاجأ الجميع عندما تجاهلت دعوة (سديم) وتوجهت بنظرها ناحية الطالبات المتحلقات حولها ورفعت صوتها في وجههن قائلة: كيف تستمعن لهذه التفاهات المضحكة؟
خيّم الصمت على الطالبات، عدا واحدة اسمها (سمية) تصدّت لـ (مرام) بحزم أعجب (سديم)، ودار بينهما حوار قصير:
- سمية: قصص هنا جميلة وتسعدنا، ونحن من يسألها أن ترويها لنا.
- مرام: وما الجمال في قصص سخيفة كهذه؟ (هنا) تعتقد أنكنّ لا تفهمن شيئا، وتسرد لكن حكاياتها لتنال اهتمامكن، ولكي تصير قائدة لكن، ولتستأثر بمحبة المعلمات أيضًا.
- سمية: لكنّنا نحبها، والمعلمات أيضًا يحببنها.
- مرام: أنا فقط انبهكنّ كي لا تستمر في خداعكن.
أصبحت (سديم) تعاني من مضايقات (مرام)، وفي ذات الوقت لاحظَت أن صديقاتها صرن يرفضن دعواتها لتناول الفطور معًا وللاستماع إلى قصصها الجديدة.
ومع مرور الأيام لم تعد (سديم) تطيق هذه العزلة في المدرسة، فقررت مواجهة صديقاتها اللاتي أصبحن يتجنبنها، لكي تعرف سبب هذا الجفاء. وعلى الفور توجهت (سديم) نحوهن، فألقت عليهن تحية الصباح لكنهن لم يُجبن، فألحقت التحية بسؤال: ما خطبكن! هل اخطأتُ في حقكن؟ ولم يُجبن أيضًا! لكن (سديم) لم تستسلم فحاصرتهن بنظراتها حتى خرجت منهن بالاعتراف التالي: "نعم، نحن لا نريد أن نجلس مع مخادعة مثلك. إنك تجمعيننا حولك حتى تحظي بتقدير المعلمات، وكي تنصّبي نفسك قائدة علينا.
نزل كلامهن كالصاعقة على (سديم)، ولم تستطع الدفاع عن نفسها ولو بكلمة واحدة من هول المفاجأة؛ فانهارت وانهمر دمعها، وانصرفت منه وصوتها يعلوا بالبكاء وأقدامها لا تقوى على المشي.
تبدّل حال (سديم) من طالبة متميزة إلى مهملة، ولم تعد تتحمس للذهاب إلى المدرسة، وانخفض تركيزها في الحصص، وانعدمت رغبتها في كسب صديقات جديدات، وباتت منزوية لوحدها في المدرسة وحتى في البيت، وفقدت رغبتها في الأكل والشرب، بل وتخلّت عن شغفها الكبير: تأليف القصص وروايتها!
انتبهت والدة (سديم) لهذا التغيّر في ابنتها العزيزة، وظلّت تلاحقها بالأسئلة حتى عرفت كل شيء.
أحسّت (سديم) براحة شديدة بعد أن حكت لأمها، وارتاحت أكثر عندما اقترحت عليها أن تحكي مشكلتها للمعلمة (فاطمة) كي تتدخل لحلها.
بعد أن علمت المعلمة بالمشكلة، جمعت جميع الأطراف: (سديم ) و (مرام) والصديقات. وسألت الصديقات: لماذا ابتعدتن عن (سديم)؟ فأجبن بمثل ما أجبن به على (سديم) عندما واجهتهن، وقلن إن (مرام) هي من نبهتهن لهذا الأمر.
فبدأت المعلمة بكل هدوء وذكاء تسأل الصديقات عدة أسئلة:
- منذ متى تعرفن (سديم)؟
- فأجبن منذ الصف الأول.
- وكيف كانت تتصرف إن طلبتن مساعدتها؟
- فأجبن (سديم) كريمة، (سديم) لا تتأخر عنا، (سديم) لا تقصّر معنا، (سديم) تقاسمنا طعامها وحكاياتها...
- من يعرفها أكثر: أنتن أم (مرام)؟
- فقالوا نحن.
وفور انتهاء هذه الأسئلة، أدركت البنات أنهن أخطأن في حق (سديم)، وتوجهن نحوها جميعًا يعتذرن منها، ويطلبن منها رواية قصة جديدة! ووجه (سديم) ممتلئ فرحة وسرورًا!
وهكذا عادت حكايات (سديم) من جديد!