التأديب من دون صراخ أو صفع

not_found

التأديب من دون صراخ أو صفع

حلول عملية لأبرز المشاكل السلوكية ما قبل المدرسية

تأليف: جيري وايكوف – باربارة يونل

الدار العربية للعلوم ناشرون

مقدمة:

المشاكل السلوكية لدى الأطفال (في العمر ما بين سنة إلى خمس سنوات) شائعة جدا، وتختلف ردة فعل الآباء تجاهها، وتشمل ردود الفعل الصراخ والصفع. وقد وُضِعَ هذا الكتاب ليكون مرجعاً في مواجهة المشاكل اليومية في تربية الأبناء، بحيث يسيطر الأهل على أنفسهم ويتصرفون بهدوء وفعالية.

طفل ما قبل المدرسة:

الأطفال الرضع والمواليد الجدد تغلب عليهم حاجات الطعام والنوم والاتصال البشري، ولكن بعد العام الأول تنشأ حاجات جديدة تتطلب تدريباً أبوياً عليها؛ فسنوات ما قبل المدرسة هي أهم سنوات التعلم الجسدي والعاطفي والفكري، وفي أغلب الحالات يتّسم الأطفال في هذه المرحلة بالفضول والتشوق والاستقلال، كما يتسمون بالعناد والرفض؛ فهم لا يستخدمون المنطق في عالمهم ولا يوجد لديهم انضباط.

وهذا شيء طبيعي لأن الأطفال في تلك المرحلة لا يعلمون الخطأ من الصواب ولكن يكتسبونه عن طريق الأهل، الذين يقومون بتوجيههم للصواب ويعلمونهم عواقب انتهاك قواعد السلوك.

وعند النظر في أي سلوك للطفل يجب التمهل قبل تصنيفه مشكلة، لمعرفة إن كان ردة فعل طبيعية مناسبة لما مر به من إحباط، أم مبالغة قد تؤذيه أو تؤذي من حوله. ولإدارة سلوك الأولاد جيداً لابد للأهل من تغيير سلوكياتهم أولاً، فيكونون قدوة لأبنائهم.

قواعد الأبوة المنضبطة:

عند التعاطي مع سوء السلوك لن يسهم استخدام الشتائم في تعديل السلوك، ولابد للأب من تعزيز الاحترام الذاتي للطفل. وفيما يلي مجموعة من المبادئ الرئيسية المساعدة في تعديل السلوك:

تحديد السلوك الواجب تغييره: لا يكفي قول (كن مرتباً)، وإنما يجب شرح المطلوب بالضبط كأن يجمع الطفل ألعابه من الأرض.

إخبار الطفل بما يجب فعله، مع توضيح طريقة فعله.

مدح الطفل لتقيده بالسلوك: على ألا نمدحه لذاته وإنما لسلوكه الإيجابي الذي نسعى للوصول إليه.

تجنب نزاعات القوة مع الأولاد، واستبدالها بأساليب حيادية مثل وضع ساعة تحدد وقت الاستعداد للنوم.

الإشراف الدائم: فبقاء الأهل مع الأولاد دومًا مهم لتعليمهم سلوكيات صحيحة باللعب والمصاحبة.

تجنب التذكير بالسلوك السيء: فالتركيز على التطور السلوكي الحاضر والمستقبلي أفضل من تذكير الطفل دوماً بسلوكه السيء السابق.

الصفع والصراخ غير مجديين، فالصراخ ورفع الصوت مع اللجوء إلى الصفع أحياناً يعبر عن إحباط الأهل من السلوك السيء للأبناء لكن الطفل قد يعتمده أسلوباً للفت انتباههم. كما أن العقاب الصارم يزيد المشاكل ولا يحلها، ويجعل السلوك السيء سرياً تجنباً للعقاب، وسيدفع الطفل لاستعمال العنف ضد غيره.

التحدث إلى الذات من أفضل الأساليب التي يجب أن يتبعها الأهل ليتحكموا في سلوكهم الخاص وينجحوا في تعديل سلوك أبنائهم.

وعلى العموم، لا بد من الاعتدال في محاولة تغيير سلوكيات الأطفال، بالتشجيع على ما يجب فعله، وتجريب أكثر من استراتيجية، وتذكر أن الطفل سيتعامل باحترام كلما تلقى معاملة لطيفة ومحترمة.

أبرز المشاكل السلوكية ما قبل المدرسية:

  1. مقاومة وقت النوم:

بعض الأطفال يحاولون تأجيل وقت النوم بافتعال كثير من الأمور، ولابد أن تتمسك الأم بالوقت المحدد، مع السماح بقليل من التأخير إلى حين تقبل طفلها للنظام، على أن تقوم بتقسيم وقت النوم والقيلولة حسب عمر الطفل؛ نظرًا لاختلاف الأمر حسب العمر، ومن الحلول التي يدعو لها الكتاب:

  • إشراك الطفل في نقاش خاص في وقت النوم، ليصبح مقدمة الذهاب إلى النوم.
  • تعويد الطفل على تمرينات رياضية يومية خلال النهار.
  • تحديد وقت القيلولة لكيلا يؤثر على وقت النوم ليلًا.
  • تصميم القيلولة حسب تأثيرها على الطفل.
  • الحفاظ على تسلسل عادات النوم يوميّا، بحيث يبدأ مثلًا بالاستحمام وارتداء "البيجاما"، وفرك الأسنان، والذهاب إلى السرير.
  • الالتزام بعادات النوم حتى لو تغيرت الظروف، بقدر الإمكان.
  • تقديم المكافآت عند الالتزام بوقت النوم، ومفاجأته بها عند الاستيقاظ.

ويحذر الكتاب من ترك الطفل يتحكم في وقت نومه، ومن تهديده أو صفعه، ومن تذكيره بطبيعته القلقة بعد الاستيقاظ، فجميع ذلك ينعكس سلبًا على حياة الطفل.

  1. النهوض من السرير خلال الليل:

تكثر طلبات الأطفال بمجرد إطفاء الأضواء، لرغبتهم في معرفة ما يفعل الأهل بعيداً عنهم. وبعد التأكد من أن الطفل سليم صحيّا، يمكن معالجة هذا السلوك بالتالي:

  • التأكيد على مناقشة قواعد وقت النوم في غير وقت النوم.
  • المكافأة عند الالتزام بقواعد النوم.

ويجب عدم التأثر بأي ضجة يحدثها الطفل ليلًا بغرض كسر القواعد، فمع الوقت ستخف وتختفي، وبدون الحاجة إلى تهديد وترهيب بل بالحوار الهادئ.

  1. عدم الأكل:

انشغال الطفل باستكشاف العالم من حوله ينسيه الأكل، وباتباع القواعد التالية يمكن تخطي هذه المشكلة:

  • التزام الأهل أنفسهم بالوجبات في موعدها.
  • عدم الإشادة بنوع معين من الأجسام.
  • معرفة المقدار الملائم من الطعام لعمر الطفل ووزنه.
  • تحديد جدول لمواعيد الأكل يتعود عليه الجسم وينبه صاحبه.

ولتشجيع الطفل على الأكل يمكن السماح له بالأكل ما بين الوجبات بمقدار لا يؤثر على الوجبات الرئيسية، مع اختيار الأطعمة الصحية، والحرص على تنوعها، مع امتداح خياراته الصحية، كما يجب الانتباه إلى وقت تناول الطعام، ويجب إلزامه بالجلوس حتى انتهاء موعد الوجبة.

كما يجب عدم التوسل للطفل ليأكل لأنه سيستغل ذلك لكسب الاهتمام، ولا يجب تحويله الأمر إلى معركة.

  1. اللعب بالطعام:

عند تناول الطعام يجب أن يعرف الطفل أن الطعام للأكل وليس للعب، فبمجرد أن يلعب به يجب رفعه من أمامه فوراً، ولمنع ذلك يجب الانتباه لما يلي:

  • يجب ألا يلعب الأهل بالطعام.
  • تحضير الطعام الذي يحبه الطفل وتقطيعه بما يناسب فمه.
  • إبقاء أوعية الطعام بعيدة عن الطاولة، لكيلا تغري الطفل بالتحريك واللعب بها.
  • تعليم الطفل قواعد المائدة وكيفية استخدام أدواته، في غير وقت الطعام.
  1. الإفراط في الأكل:

بعض الأطفال لديهم شهية غير محدودة، وعلى الآباء اكتشاف السبب إن كان مرضا أم ضجرا أم رغبة في لفت الانتباه، مع القيام بالآتي:

  • معرفة حصة الطعام الطبيعية المطلوبة للطفل في هذا السن.
  • تقديم طعام صحي متوازن قليل السعرات الحرارية.
  • تعليم الطفل متى وكيف وأين يسمح بالأكل.

وعلى العموم، على الأهل توفير نشاطات مسلية للطفل غير الأكل، وعدم تقديم الطعام مكافأة على كل شيء، مع تنظيم مواعيد وجبات الطعام كي لا يجوع فيأكل بإفراط، وإذا تناول الطعام بكميات مناسبة يجب مدحه، والأهم تشجيعه على التمارين الرياضية لحرق الوحدات الحرارية الزائدة، وعدم الاستسلام لرغباته في الأكل، وتوعيته بما هو أنسب له، وتجنب وضع الطعام وقت غضبه وأثناء مشاهدة التلفاز، وعدم السخرية من وزنه.

  1. الإفراط في قول "لا":

أغلب الأطفال في العمر ما بين السنة والخمس سنوات يستخدمون كلمة "لا" بكثرة تقليدًا لأهلهم، لذا يجب تجنيبهم الأسئلة التي تكون إجابتها نعم أو لا. كما أن معرفة شخصية الطفل جيداً تساعد في معرفة ما وراء استخدامه "لا" بكثرة. ومن المهم ألا يقول الأهل للطفل "لا" على أشياء لا ضير إن فعلها أو امتنع عنها، وذلك حتى لا تضيع قيمة الكلمة في مواقف مهمة ثانية. ويمكن استخدام كلمات أخرى غير "لا"، مثل "توقف".

إذا ما كان الطفل يستخدم كلمة "لا" بكثرة، على الأهل مراعاة ما يلي:

  • تجاهل "لا" التي ينطقها، فاحيانا كثيرة هو لا يقصدها.
  • الاهتمام بـ "نعم" أكثر، بالابتسامة والمدح والاستجابة الإيجابية.
  • تعويده الإكثار من "نعم"، بطلب تكرارها بلطف، فتصبح أقرب للاستخدام من "لا".
  • إذا ما قال الطفل "لا"، يجب توضيح الأمر له بأسلوب آخر، ليعلم القيمة الإيجابية لما رفض القيام به.
  1. نوبات الغضب:

الطفل يجب تعليم الطفل من صغره كيفية مواجهة الاحباط والغضب، مع مدحه عندما يطلب المساعدة لمواجهة بالغضب، كما يجب تجنيبه الإحباط، وعند رؤيته يعاني في إنجاز شيء ما تجب مساعدته على تخطي الصعوبة وإكمال المهمة حتى لا يفقد صبره.

ومن المهم تجاهل نوبة غضب الطفل لكيلا تصبح وسيلة للفت الانتباه إليه. وبعد مرور نوبة الغضب يمكن تزويده بقواعد التصرف في مثل هذه الحالات، ليتعلم تجنب الغضب مستقبلاً والوقوع في المشاكل بسببه.

  1. البكاء:

بعض الأطفال يبكون ليلفتوا الانتباه فقط، وتجاهله سيعلمهم أن التحدث أفضل، وكذلك مدحه على تعبيره الجيد سيغير سلوكه. ويمكن إخباره أن بإمكانه التعبير عن حزنه واحباطه بالبكاء في مكان مخصص له وحده، وعندما ينتهي يعود للانضمام. ومن المهم أيضًا عدم البكاء أمامه، فكلما سيطر الأهل على تصرفاتهم تعلم الطفل السيطرة على سلوكه.

  1. الرد بفظاظة:

عندما ينطق الطفل كلمات وقحة، ليعلم الأهل أن طفلهم بات قادراً على تقليد الكلمات الجيدة والسيئة، وعليهم تحديد مصدر تلك الكلمات فوراً، مع تطبيق ما يلي:

  • التحدث مع الطفل كما يرغبون أن يتحدث معهم.
  • تحديد الردود الوقحة المرفوضة في العائلة.
  • مراقبة خطاب الأصدقاء ووسائل الإعلام وما يتعامل معه من مصادر خارجية.

وهناك أكثر من خيار للتعامل عند سماع كلمة نابية من الطفل:

  • إبلاء الكلمة بإعادتها كثيرا حتى تفقد قوتها.
  • التجاهل.
  • الثناء على الردود والتعابير الجميلة.

وفي كل الأحوال يجب عدم الرد بنفس المستوى وعدم استخدام العقاب الصارم المؤذي.

  1. الشتم:

لتجنيب الأطفال استخدام الشتيمة، على الوالدين تنفيذ ما يلي:

  • تعريف الطفل معنى الشتيمة وما يقال وما لا يقال.
  • مناداة الطفل بأسماء جميلة.
  • تعليم الطفل كيف يتصرف إذا تعرض للشتيمة.

ويمكن إبلاء الشتيمة بتكرارها لتصبح أقل إثارة عند نطقها، مع مدح الكلام اللطيف الذي يصدر عن الطفل، أو توحيد ردة الفعل عند كل مرة ينطق فيها الطفل الشتيمة.

  1. المقاطعة:

إن أهم ما يريده الطفل هو الاستحواذ على انتباه الأهل، لذا يقاطع انشغالهم عنه بالهاتف أو غيره، وعلى الأهل عدم إطالة الحديث مع غيره عندما يكون جالساً بقربهم، وتمرينه على عدم المقاطعة أثناء التحدث بالهاتف، مع التقيد بالتالي:

  • عدم الغضب والصراخ في وجهه عند المقاطعة.
  • عدم مقاطعته أثناء حديثه مع أحد ليتعلم السلوك السليم.
  • تعويده أن الاهتمام سيعود له فور انتهاء المكالمة.

خاتمة:

إضافة إلى ما ذكر، يستعرض الكتاب سلوكيات كثيرة أخرى لدى الأطفال من النوع الذي يحتاج تقويمًا، منها السلوك العدواني، التدخل فيما لا يعني الطفل من الأمور، الملكية المدمرة، الاستيلاء على الأشياء، التملك، وغيرها من السلوكيات غير المرغوبة.

ويطمئن الكتاب الآباء والأمهات أن السلوكيات الخاطئة لدى لأطفال ما بين عمر سنة وخمس سنوات يمكن تعديلها، إذا ما قاموا هم أولًا بضبط سلوكياتهم، مع التأكيد على ضرورة تعزيز السلوكيات الجيدة لدى الطفل ومدح ما يقوم به من تصرفات إيجابية ولو كانت صغيرة.

الوسوم