المشكلات المترتبة على سلوك التنمر لدى طالبات المرحلة الابتدائية

not_found

المشكلات المترتبة على سلوك التنمر

لدى طالبات المرحلة الابتدائية

إعداد الطالبة: مرام محسن عبد الكريم المطيري

إشراف: الدكتورة هناء أحمد أمين محمد

جامعة الملك سعود

المقدمة:

المدرسة من أهم المؤسسات الاجتماعية المساهمة في غرس القيم والثقافة الصحيحة في الطلاب، وفي مساعدتهم على التكيف مع بيئاتهم لينشؤوا في ظروف ملائمة لقدراتهم ومواهبهم، ولكن هناك بعض المعوقات التي تعيق هذه المهمة فتؤثر على تحصيلهم العلمي، من ضمنها التنمر، وهي معيقات تحتاج إلى تدخل من قبل المختص الاجتماعي.

إن سلوك التنمر في المدارس قديم وليس حديثًا، ومع ذلك مازالت الدراسات تحتاج إلى بذل جهد أكبر لتصل إلى حلول مثلى لهذه الظاهرة العنيفة في المدارس.

النظرية المفسرة للدراسة:

ترى الباحثة أهمية كبرى لهذه الدراسة من الناحية العلمية؛ لأنها ستساهم في إثراء المعرفة العلمية بهذه الظاهرة، بالذات في المرحلة الابتدائية التأسيسية للطالبات، كما أن الدراسة لها أهمية تطبيقية تتمثل في توصيات ضرورية قدمتها للتعامل مع التنمر المدرسي في المرحلة الابتدائية.

فالهدف الأول والرئيس للدراسة هو التعرف على المشكلات المترتبة على سلوك التنمر لدى طالبات المرحلة الابتدائية، من النواحي الاجتماعية والنفسية والأكاديمية، وبالتالي تقديم مقترحات عملية للعاملين في الخدمة الاجتماعية.

وقد ربطت الباحثة ما بين هذه الدراسة ونظرية "التعلم الاجتماعي" المرتبطة بعالم النفس "بندورا"، الذي يعتقد أن الانسان لديه ميل فطري لتقليد سلوكيات الآخرين حتى لو لم يُدفع لفعل ذلك؛ بسبب ارتباط ثلاث مكونات رئيسية وهي السلوك والمحددات الشخصية والمحددات البيئية. أي إن التلميذ الأكثر شعبية في الصف هو الأكثر تأثيراً في أقرانه: سلباً او إيجاباً.

ومن هذا المنظور ترى الباحثة أنه لابد من وجود نموذج وراء الاتجاه للتنمر، سواء كان في المنزل أو المدرسة، نموذج يقلده الطالب ليمارسه على غيره من الطلاب الأضعف، بعد ارتباطه بدافع أوحاجة لدى المتنمر مثل الرغبة في السيطرة والهيمنة على من حوله. فإذا ما تهيات القدرات المناسبة لدى المتنمر، من شعبية وبنية جسدية وقدرة على الحوار، أو توفر له تشجيع وتأييد من قِبل الطلاب، سيتوقع المتنمر أنه سيحصل على نتائج إيجابية من هذا السلوك تعود عليه بالفائدة.

وعلى الرغم من اختيار الباحثة لهذه النظرية لربطها بدراستها، إلا أنها حرصت على استعراض الدراسات السابقة العربية والأجنبية المرتبطة بموضوع التنمر، منها دراسة "مزاهرة" في (2002)  بعنوان "استراتيجيات التعامل المستخدمة من قبل ضحايا الاستقواء في مدارس عمان وعلاقتها ببعض المتغيرات"، ودراسة "عوّاد" في (2002)  بعنوان: "أثر كل من العدائية والغضب والاكتئاب في سلوك الاستقواء لدى الطلبة المراهقين في مدينة الزرقاء وعلاقته بالسلوك الاجتماعي المدرسي والفاعلية الذاتية لديهم"، وغيرها من الدراسات التي بإمكان القارئ العودة إليها للإطلاع والاستفادة من تفاصيلها ونتائجها.

الإجراءات المنهجية للدراسة:

تعد الدراسة التي بين أيدينا من الدراسات الوصفية، فهي تصف وتجمع البيانات عن مشكلة التنمر، وتعطي قدراً كبيراً من المعلومات الكمية والكيفية عن المشكلات المترتبة على سلوك التنمر لدى طالبات المرحلة الابتدائية.

واعتمد منهج البحث على المسح الاجتماعي في مجتمع الدراسة المكون من المعلمات وطالبات الصفوف العليا من المدارس الابتدائية غرب الرياض، حيث ضمت العينة 378 طالبة تم اختيارهن بطريقة عشوائية. واستغرقت عملية جمع البيانات فصلا دراسيا كاملا.

الأدوات المستخدمة في الدراسة كانت استبانة خاصة بالطالبات، واستبانة خاصة بالمعلمات، واحتوت كل منها محاور تغطي كافة جوانب البحث، المشكلات الاجتماعية والنفسية والأكاديمية، وتم تحليل البيانات التي تم جمعها باستخدام برنامج التحليل الإحصائي (SPSS) ليتم معالجتها واستخراج النتائج.

نتائج الدراسة:

النتائج المتعلقة بالبيانات الأولية للدراسة أشارت إلى نسبة (90.24) % من المعلمات يرين وجود ظاهرة التنمر في المدرسة، بينما فقط (9.76) % لا يرين لهذه الظاهرة وجودا، وكان أكثر أنواع هذا التنمر في نظرهن هو التنمر اللفظي بنسبة (85.37) %، يليه التنمر البدني بنسبة (41.46) %.

وتشابهت نتائج المعلمات نوعاً ما مع نتائج الطالبات، فهناك نسبة (90.48) % من الطالبات يرين وجود طالبات متنمرات في فصولهن، وقد تعرضن أغلبيتهن للتنمر بنسبة (84.13) %، وكان التنمر اللفظي هو الأغلب (72.75) %، يليه التنمر السيكولوجي والعلائقي بنسبة (36.24) %.

وتعرضت الطالبات للتنمر في أماكن مختلفة من المدرسة، بنسبة (67.2) % داخل الفصل، وبنسبة (39.95) % في فناء المدرسة، وبنسب أقل كان التنمر في الحافلات ودورات المياه والمداخل.

وبالنسبة للتساؤلات الأساسية للدراسة جاءت النتائج كما يلي:

المشكلات الاجتماعية المترتبة على سلوك التنمر على الطالبة المتنمر عليها برأي المعلمات:

  1. الافتقار لتعاون الزميلات.
  2. قلة الصديقات.
  3. عدم التقبل وسط الطالبات.
  4. صعوبة التعرف على صديقات جديدات.
  5. المعاملة غير المحترمة.

وبالنسبة لرأي الطالبات كانت الإجابات بالترتيب التالي:

  1. المعاملة غير المحترمة.
  2. عدم التقبل وسط الطالبات.
  3. صعوبة التعرف على صديقات جديدات.
  4. قلة الصديقات.
  5. الافتقار لتعاون الزميلات.

المشكلات النفسية الواقعة على الطالبة المتنمر عليها برأي المعلمات:

  1. القلق.
  2. الخوف من الطالبة المتنمرة.
  3. الحزن.
  4. سرعة الانفعال.
  5. البكاء.
  6. قلة الثقة بالنفس.

وبالنسبة لرأي الطالبات كان الترتيب على النحو التالي:

  1. الحزن.
  2. القلق.
  3. الرغبة في الانتقام.
  4. البكاء.
  5. الخوف من الطالبة المتنمرة.
  6. سريعة الانفعال.

المشكلات الأكاديمية الواقعة على الطالبة المتنمر عليها برأي المعلمات:

  1. انخفاض التحصيل الدراسي.
  2. قلة المشاركة خلال الحصص المدرسية.
  3. تشتت الانتباه.
  4. قلة التجاوب مع توجيهات المعلمة.
  5. كثرة الغياب.

وبالنسبة لرأي الطالبات كانت النتائج مرتبة على النحو التالي:

  1. تشتت الانتباه.
  2. قلة المشاركة خلال الحصص المدرسية.
  3. الافتقار للتفاعل مع الزميلات في الحصص المدرسية.
  4. صعوبة الفهم داخل الحصص المدرسية.
  5. انخفاض التحصيل الدراسي.

تصور مقترح من منظور الخدمة الاجتماعية للتعامل مع سلوك التنمر المدرسي:

للتخفيف من حدة المشكلات المترتبة على سلوك التنمر في المدارس، اقترحت الباحثة تصوراً لمساعدة الطالبة الضحية وتمكينها من مواجهة المشكلة. تصور يزيد من تفاعل المدرسة مع الطالبات الضحايا ويسهل التفاعلات بين الطالبات والمعلمات والمختصة الاجتماعية في المدرسة. واعتمدت الباحثة في وضع التصور على الممارسة العامة، ونظرية الاتساق، واستراتيجية كل من "أولويس"و"ديوبر"و"ميلر ولوين" في مواجهة سلوك التنمر.

أنساق التعامل المقترحة لمواجهة التنمر تبدأ بنسق التغيير، ويتمثل في الاستفادة من الموارد والسياسات والخدمات المتوفرة للحد من سلوك التنمر، يليه الطالبات الضحايا المستفيدات من الخدمة المقدمة لهن من قبل الاخصائية الاجتماعية، ومن ثم الطالبات المتنمرات وتعديل سلوكهن الخاطئ، وأخيراً المدرسة بوضع أنظمة وبرامج علاجية ووقائية للحد من سلوك التنمر.

وتستعرض الباحثة نظريات عدة يمكن للمختصة الاجتماعية الاستفادة منها، مثل نظرية "العلاج السلوكي"، وذلك لتعديل سلوك الطالبة المتنمرة بتدريبها على لعب أدوار معينة، ونمذجة السلوك السوي في التعامل، ويتشابه معه كثيراً "أسلوب التدريب السلوكي"، وهناك أيضاً "أسلوب التعزيز" و"أسلوب العقاب" وأسلوب "التركيز على المهم"، كما أن نظرية " العلاج المعرفي" مفيدة في تعديل الأفكار الخاطئة لدى الطالبة التي كانت السبب في المشكلة، فتقوم المختصة الاجتماعية باستبدالها بأفكار سليمة.

ولتطبيق ما سبق لابد من المرور بالمراحل التالية:

  • المرحلة التعليمية: فيها يتم توضيح المنطق من استخدام هذا الأسلوب للطالبة حتى تفهمه وتتقبله.
  • المرحلة التدريبية: حيث تقوم المختصة الاجتماعية بتزويد الطالبة بالمعلومات أو المواقف التي يسببها التنمر، وتولد الخوف والقلق وغيرها، ومن ثم مناقشتها مع الطالبة لإعادة البناء المعرفي، مع توضيح كيفية التعامل مع الموقف وردود الأفعال الصحيحة في مواجهته.
  • مرحلة التطبيق: تقوم الطالبة بتطبيق المهارات المكتسبة للتعامل مع الضعوط المختلفة، من خلال مواقف تمثيلية.

وفي الدراسة أيضاً توضيح لخطوات التدخل المهني من قِبل المختصة الاجتماعية، والتي تبدأ بالارتباط مع الطالبة الضحية، وهي مرحلة تعارف ما بين الطرفين لبناء الثقة والتغلب على خوف الطالبة، ومن ثم تبدأ مرحلة التقدير وجمع المعلومات، وبعدها مرحلة تنفيذ التدخل المهني، وهي الأنشطة والأفعال المطلوب تنفيذها لتحقيق الهدف، وفي النهاية يتم تقييم التدخل المهني من قِبل المختصة الاجتماعية لإنهاء عملية المساعدة.

فالعملية كما نرى ترتكز على المختصة الاجتماعية لمواجهة سلوك التنمر، من خلال قيامها بدور المعالج والوقائي والتربوي.

خاتمة:

قدمت الباحثة مجموعة من الاستراتيجيات للتخفيف من حدة سلوك التنمر، بتفعيل استراتيجية الثواب والعقاب، ولعب الأدوار لتعليم الطالبات سلوكيات جديدة إيجابية، مع تشجيع التعليم التعاوني بين الطالبات، وتنظيم الأنشطة الصفية واللاصفية وتشجيع الطالبات الضحايا للمشاركة فيها، مع وضع البرامج الهادفة، وتثقيف وتوعية الطالبات وأولياء أمورهن والمعلمات بظاهرة التنمر وأبعادها، مع زيادة الرقابة والاشراف داخل المدرسة، وخاصة في الأماكن التي يكثر فيها التنمر.

 

 

الوسوم