أنواع التنمر

رغم أن التنمر ظاهرة مجتمعية تنتشر في عالم الكبار كما في عالم الصغار، فإن تأثيراته المزعجة تكون أكثر وضوحًا عند الأطفال بسبب عدم اكتمال نمو جوانبهم النفسية وهشاشة مشاعرهم وعواطفهم، وعجزهم عن تصريف تلك الضغوطات بشكل صحيح.
يعرّف التنمر غالبًا على أنه ’’شكل من أشكال العنف والإيذاء والإساءة التي تكون موجهة من فرد أو مجموعة من الأفراد إلى فرد أو مجموعة من الأفراد حيث يكون الفرد المهاجم أقوى من الأفراد الباقين‘‘.
فإذا كان التنمر يصنّف حسب نوع السلوك الخاطئ من المتنمر، فإنّ أنواعه قد تنحصر في التنمر اللفظي، والجسدي، والاجتماعي، ويندرج تحت كل نوع تصنيفات فرعية أخرى.
- التنمر اللفظي
كما يبدو من التسمية فإن التنمر اللفظي يغطي كل أشكال الاستخدام المسيء للكلمات ضد المتنمر، مثل التنابز بالألقاب، واستخدام كلمات خارجة، أو جارحة تصف بشكل مهين جسد الطفل أو مظهره أو جذوره أو هويته أو ديانته أو عرقه أو ميوله.
تغذي بعض البيئات الاجتماعية مثل هذا النوع من السلوك الخاطئ، إذ لا تنتبه الأسر إلى خطورة إطلاق الصفات المميزة على أفرادها أو أفراد غيرها من العائلات بدعوى التندر والمزاح، مما يورث الطفل هذه التصرفات ويغرس في عقله مشروعية السخرية من الآخرين بذكر اختلافاتهم الثقافية والجسدية والعقدية في موضع الإهانة والتهكم.
- التنمر الجسدي
التنمر البدني أشد وطأة وتأثيرًا على الأطفال إذ ينتهك فيه جسد الطفل بطريقة أو بأخرى مما يشعره بالعجز والمهانة ويولد لديه مشاعر الدونية واحتقار الذات لعم قدرته على حماية أخص ما يملك وهو جسده.
يتدرج التنمر البدني من أفعال وممارسات صغيرة قد لا تترك آثارًا واضحة على جسد الطفل مثل الدفع باليد أو العرقلة أو إتلاف وسرقة الممتلكات الشخصية إلى ممارسات أكثر خطورة مثل الصفع على الوجه والضرب والتعدي بالأدوات الحادة وانتهاء بالاغتصاب والاعتداء البدني.
ويلاحظ أن الأطفال الذين يميلون إلى التنمر الجسدي على أقرانهم يعيشون في بيئات تتسم بالعنف، خاصة العنف المنزلي إذ يخضع الطفل نفسه أو أحد أفراد اسرته إلى ممارسات إيذاء بدني من أحد الوالدين أو الإخوة الأكبر سنًا.
- التنمر الاجتماعي
أمّا التنمر الاجتماعي فهو أحد صور الإيذاء النفسي الذي يقع على الأطفال عندما يجبرون على الانسحاب من تجمعات الأقران أو يعزلون قسرًا نتيجة إطلاق شائعات أو تحذير الآخرين من التعامل معهم.
يسعى المتنمرون اجتماعيًا إلى نبذ ضحاياهم خارج السياقات الطبيعية اليومية مثل مجموعات الأقران وزملاء الدراسة والجيران ويبدأ بنشر أكاذيب أو ترويج إشاعات وإلصاق تهم معيبة وتشجيع الآخرين على رفض انتماء الضحايا إليهم.
قد يكون الدافع الأقوى للمتنمر اجتماعيًا افتقاده للتقدير الذاتي وضعف ثقته في نفسه، فيسعى من خلال تشويه الآخرين – لا سيما الناجحين – إلى استعادة توازنه النفسي.
التنمر ظاهرة اجتماعية شائعة في مسارات الحياة اليومية للطفل مثل المدرسة والأندية الرياضية والجيرة، لذا يجب التعامل معها بحذر وحكمة إذ لا يعتبر السلوك المشين تنمرًا ما لم يتكرر، فلا يجب تفزيع الأطفال من أقرانهم أو دفعهم للانعزال الطوعي خشية التنمر.